28 نوفمبر 2015

ما معنى إن الله جميل يحبّ الجمال؟



ما معنى إن الله جميل يحبّ الجمال؟

سؤال:
ما معنى حديث إن الله جميل يحبّ الجمال ، ما هو المقصود بالجمال خصوصا وأن بعض الناس يستدل بهذا الحديث على جواز النظر إلى النساء الجميلات وجواز الاستمتاع بكل شيء جميل ، هل من توضيح .

الجواب:
الحمد لله
الحديث المذكور في السؤال قد أخرجه مسلم في صحيحه رقم 131 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ .

قال ابن القيم رحمه الله شارحا ومبيّنا : وقوله في الحديث إن الله جميل يحب الجمال يتناول جمال الثياب المسؤول عنه في نفس الحديث ويدخل فيه بطريق العموم الجمال من كل شيء ، وفي صحيح مسلم برقم 1686 : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا " ، وفي سنن الترمذي " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " رواه الترمذي برقم 2963 وقال حسن صحيح ، وعن أبي الأحوص الجشمي قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم وعليَّ أطمار فقال هل لك من مال قلت نعم قال من أي المال قلت من كل ما آتى الله من الإبل والشاه قال فلتر نعمته وكرامته عليك " رواه أحمد برقم 15323 والترمذي 1929 والنسائي 5128 ، فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده فإنه من الجمال الذي يحبه وذلك من شكره على نعمه وهو جمال باطن ، فيحب أن يرى على عبده الجمال الظاهر بالنعمة والجمال الباطن بالشكر عليها ، ولمحبته سبحانه للجمال أنزل على عباده لباسا وزينة تجمل ظواهرهم وتقوى تجمل بواطنهم ؛ فقال : " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير " الأعراف 26 ، وقال في أهل الجنة : " ولقَّاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12) " الإنسان ، فجمل وجوههم بالنضرة وبواطنهم بالسرور وأبدانهم بالحرير وهو سبحانه كما يحب الجمال في الأقوال والأفعال واللباس والهيأة يبغض القبيح من الأقوال والأفعال والثياب والهيأة فيبغض القبيح وأهله ويحب الجمال وأهله ولكن ضلّ في هذا الموضوع فريقان : فريق قالوا كل ما خلقه جميل فهو يحبّ كل ما خلقه ونحن نحب جميع ما خلقه فلا نبغض منه شيئا ، قالوا : ومن رأى الكائنات منه رآها كلها جميلة .. وهؤلاء قد عدمت الغيرة لله من قلوبهم والبغض في الله والمعاداة فيه وإنكار المنكر والجهاد في سبيله وإقامة حدوده ويرى جمال الصور من الذكور والإناث من الجمال الذي يحبه الله فيتعبدون بفسقهم وربما غلا بعضهم حتى يزعم أن معبوده يظهر في تلك الصورة ويحل فيها .

وقابلهم الفريق الثاني فقالوا قد ذم الله سبحانه جمال الصور وتمام القامة والخلقة فقال عن المنافقين : " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم " المنافقون 4 وقال : " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا " مريم 74 أي أموالا ومناظر ، وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " صحيح مسلم رقم 4651 .. وفي الحديث : " البذاذة من الإيمان " رواه ابن ماجه 4108 وأبو داود 3630 وصححه الألباني رحمه الله

وفصل النزاع أن يقال الجمال في الصورة واللباس والهيأة ثلاثة أنواع منه ما يحمد ومنه ما يذم ومنه مالا يتعلق به مدح ولا ذم ، فالمحمود منه ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة له كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجمل للوفود وهو نظير لباس آلة الحرب للقتال ولباس الحرير في الحرب والخيلاء فيه فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه والمذموم منه ما كان للدنيا والرياسة والفخر والخيلاء والتوسل إلى الشهوات وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه فإن كثيرا من النفوس ليس لها همة في سوى ذلك ، وأما مالا يحمد ولا يذم هو ما خلا عن هذين القصدين وتجرد عن الوصفين .

والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين فأوله معرفة وآخره سلوك فيُعرف الله سبحانه بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل وجوارحه بالطاعة وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظفار فيعرفه بصفات بالجمال ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه فجمع الحديث قاعدتين المعرفة والسلوك . [الفوائد 1/185 ]

أين هذه المعاني العظيمة للحديث من ضلالات أصحاب الهوى الذين يريدون فهما منحرفا لتبرير مقاصدهم السيئة نسأل الله العافية وصلى الله على نبينا محمد
  

مَــــــــــــ أَعَدّ الله للمُؤمنين في الجَنَّة ـــــــا



**مَــــــــــــ أَعَدّ الله للمُؤمنين في الجَنَّة ـــــــا**

قال الله تعالى‏:‏‏{‏إن المتقين في جنات وعيون * ادخلوها بسلام آمنين * ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخوانا على سرر متقابلين * لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين‏}‏ ‏(‏‏(‏الجحر‏:‏45-48‏)‏‏)‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين *ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون* يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون * وتلك الجنة الى أورثتموها بما كنتم تعملون * لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون‏}‏ ‏(‏‏(‏الزخرف‏:‏68-73‏)‏‏)‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏‏{‏إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين * كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة آمنين * لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم * فضلاً من ربك ذلك هو الفوز العظيم‏}‏ ‏(‏‏(‏الدخان‏:‏51-57‏)‏‏)‏‏.‏
وقال تعالى ‏:‏‏{‏إن الأبرار لفي نعيم* على الأرائك ينظرون*تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختون * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون* ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون‏}‏ ‏(‏‏(‏المطففين‏:‏22‏:‏28‏)‏‏)‏‏.‏
والآيات في الباب كثيرة معلومة‏.‏
-وعن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “يأكل أهل الجنة فيها ، ويشربون ، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير، كما يلهمون النفس‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم‏:‏ ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون‏}‏ ‏(‏‏(‏السجدة‏:‏17‏)‏‏)‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

- وعنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"‏أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، وريحهم المسك، ومجامرهم الألوة -عود الطيب- أزواجهم الحورالعين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء‏" ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

وفي رواية للبخاري ومسلم‏:‏ آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ، ولا تباغض‏:‏ قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشياً‏.‏ (3)

- وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏سأل موسى صلى الله عليه وسلم ربه، ما أدنى أهل الجنة منزلة ‏؟‏ قال‏:‏ هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة-الجنة، فيقال له ‏:‏ ادخل الجنة، فيقول‏:‏ أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم‏؟‏ فيقول له‏:‏ أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا‏؟‏ فيقول‏:‏ رضيت رب فيقول‏:‏ لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة‏:‏ رضيت يا رب فيقول‏:‏ هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهيت نفسك، ولذت عينك، فيقول‏:‏ رضيت رب، قال رب فأعلاهم منزلة‏؟‏ قال‏:‏ أولئك الذين أردت؛ غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏إني لأعلم آخر النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً الجنة، رجل يخرج من النار حبوا؛ فيقول الله عز وجل له‏:‏ اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول‏:‏ يا رب وجدتها ملأى، فيقول الله عز وجل له‏:‏ اذهب فادخل الجنة، فيرجع ، فيقول‏:‏ يا رب وجدتها ملأى، في سورة يقول الله عز وجل له ‏:‏ اذهب فادخل الجنة ، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع، فيقول‏:‏ يا رب وجدتها ملأى‏!‏ فيقول الله عز وجل له‏:‏ اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول‏:‏ أتسخر بي، أو تضحك بي وأنت الملك” قال‏:‏ فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه فكان يقول‏:‏ ‏"‏ذلك أدنى أهل الجنة منزلة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ 

- وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "‏إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً، (‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ (4)

- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة سنة ما يقطعها ‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

وروياه في ‏"‏الصحيحين‏"‏ أيضاً من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏يسير الراكب في سورة في ظلها سنة ما يقطعها‏"‏‏.‏
- وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ملا بينهم‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم‏؟‏ قال‏:‏ “بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين‏"‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس أو تغرب‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة‏.‏ فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم‏:‏ والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً‏!‏ فيقولون‏:‏ وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً‏!‏‏"‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب في السماء‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

- وعنه رضي الله عنه قال‏:‏ شهدت من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه‏:‏ ‏"‏فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏"‏ ثم قرأ ‏{‏تتجافى جنوبهم عن المضاجع‏}‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين‏}‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ إذا دخل أهل الجنة - الجنة- ينادي مناد‏:‏ إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبداً‏"‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له‏:‏ تمن فيتمنى ويتمنى، فيقول له‏:‏ هل تمنيت‏؟‏ فيقول‏:‏ نعم، فيقول له‏:‏ فإن لك ما تمنيت ومثله معه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة‏:‏ يا أهل الجنة، فيقولون ‏:‏ لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك فيقول‏:‏ هل رضيتم‏؟‏ فيقولون‏:‏ وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك‏!‏ فيقول‏:‏ ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون‏:‏ وأي شيء أفضل من ذلك‏؟‏ فيقول‏:‏ أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏
- وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال‏:‏ ‏"‏إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏.‏
- وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏"‏إذا دخل أهل الجنة -الجنة- يقول الله تبارك وتعالى‏:‏ تريدون شيئاً أزيدكم‏؟‏ فيقولون‏:‏ ألم تبيض وجوهنا‏؟‏ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار‏؟‏ فيكشف الحجاب، فما أعطو شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم‏"‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم* دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين‏}‏ ‏(‏‏(‏يونس‏:‏9،10‏)‏‏)‏‏.‏
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد‏.‏

اللهم اجعلنااااا من أصحاااب الجنة

ياااا رب
 

4 نوفمبر 2015

القواعد التى تدور الأحكام عليها




القواعد التى تدور الأحكام عليها
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف
من كتاب
أربع قواعد تدور الأحكام عليها
ضمن مؤلفات الشيخ
محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي
(المتوفى: 1206هـ)
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أربع قواعد من قواعد الدين التي تدور الأحكام عليها وهي من أعظم ما أنعم الله تعالى به على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، حيث جعل هذا الدين ديناً كاملاً وافياً ؛ ومما ينبغي التفطن له قبل معرفة القواعد الأربع أن تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ " [البخاري: كِتَاب التَّعْبِيرِ؛ بَاب الْمَفَاتِيحِ فِي الْيَدِ] قال إمام الحجاز محمد بن شهاب الزهري: معناه أن الله يجمع له المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة.
القاعدة الأولى
تحريم القول على الله بلا علم
لقوله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 33].. وقال تعالى:{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة:169]
القاعدة الثانية
كل شيء سكت عنه الشرع فهو عفوٌ لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكره
لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته { وما كان ربك نسيا } ". (السلسلة الصحيحة 2356 ج5 /235).
القاعدة الثالثة
ترك الدليل الواضح والاستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ والضلال
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }[آل عمران 7] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ" [البخارى:كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛بَاب { مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ }] فالواجب على المسلم اتباع المحكم، واتباع الراسخين فى العلم في قولهم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].
القاعدة الرابعة
الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات
عن النعمان بن بشير قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،‏"‏[البخارى: كِتَاب الْإِيمَانِ؛بَاب فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ]. ‏‏فرسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى قد أخبر بأن المتشابهات التي بين الحرام البين والحلال البين لا يعلمها كثير من الناس فكان ذلك فضلاً لمن علمها. وقال تعالى:} أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً {[النساء 82]فمما لا شك فيه أن الذي نهى الله عز وجل عن تتبعه هو غير الذي أمر بتتبعه وتدبره والتفقه فيه.
هذه الكلمات الإربع مع اختصارهن يدور عليها الدين، سواء كان المتكلم يتكلم في علم التفسير أو في علم الأصول أو في غير ذلك من أنواع علوم الدين.
تطبيقــــات
أحكام المياه
قال البعض:الماء كله طهورإلا ما تغير بنجاسة أو خرج عنه اسم الماء كماء الورد ونحوه.
وقال آخرون: الماء ثلاثة أنواع: طهور و طاهر ونجس والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ" [مسلم: كتاب الطهارة؛بَاب النَّهْيِ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ]، فالماء بهذا اصبح مستعملاً فلولا أنه يفيد المنع من التطهر به لم ينه عليه السلام من الاغتسال فيه ودليل آخر أنه لو وكل انسان رجلاً في شراء ماء فاشترى ماء مستعملاً أو متغيراً بطاهر لم يلزمه قبوله، فدل على أنه لا يدخل في الماء المطلق.
قال الأولون: النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يغتسل الرجل في الماء الدائم" [مسلم: الطهارة ]، وإن عصى وفعل فالقول في الماء مسألة أخرى لا تَعَرُّضَ لها في الحديث لا بنفي ولا إثبات، وعدم قبول الموكل لا يدل، فلو اشترى له ماء من ماء البحر لم يلزمه قبوله; ولو اشترى له ماء متقذراً طهوراً لم يلزمه قبوله، فانتقض ما قلتموه، فإن كنتم معترفين أن هذه الأدلة لا تفيدكم إلا الظن وقد ثبت أن "الظن أكذب الحديث" [البخاري: كِتَاب الْأَدَبِ؛ بَاب مَا يُنْهَى عَنْ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ] فقد وقعتم في المحرم يقينا أصبتم أم أخطأتم لأنكم أفتيتم بظن مجرد، فإن قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } [النساء: 43] كلام عام من جوامع الكلم،فكلمة الماء هنا عامة فإن دخل فيه هذا الماء الدائم الذى أُغْتَسِلَ خالفتم النص وإن لم يدخل فيه وسُكِتَ عنه فهو عفو لا يحل الكلام فيه; وعصيتم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة : 101]. الآية، وكذلك إذا تركتم هذا اللفظ العام الجامع مع قوله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شيء"[وأبو داود: الطهارة (66) قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث] ، وتركتم هذه الألفاظ الواضحة العامة، وزعمتم أن الماء ثلاثة أنواع بالأدلة التي ذكرتموها وقعتم في طريق أهل الزيغ في ترك المحكم واتباع المتشابه.
فإن قلتم لم يتبين لنا أنه طهور، وخفنا أن النهي يؤثر فيه، قلنا قد جعل الله لكم مندوحة وهو الوقف وقول لا أدري وإلا ألحقوه بمسألة المتشابهات التى لا يعلمها كثير من الناس، وإما الجزم بأن الشرع جعل هذا طاهراً لا مطهر فقد وقعتم في البحث عن المسكوت عنه، واتباع المتشابه وتركتم قوله: صلى الله عليه وسلم "وبينهما أمور مشتبهات" ‏"‏[البخارى: كِتَاب الْإِيمَانِ؛ بَاب فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ]. ‏‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ" [مسلم: كتاب الطهارة؛ بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ]
قالوا:إن الماء الكثير ينجسه البول لنهيه عليه السلام عن البول فيه.
فيقال لهم: الذي ذُكِرَ, النهي عن البول فيه ، وأما نجاسة الماء وطهارته فلم يتعرض لها الحديث، وتلك مسألة أخرى يستدل عليها بدليل آخر وهو قوله في الكلمة الجامعة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وهذا ماء وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الماء طهور لا ينجسه شيء" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وقال الشيخ الألباني: صحيح [جامع الترمذى 1/95 رقم الحديث66]
فمن ترك هذا المحكم وأفتى بنجاسته معللاً بنهيه عن البول فيه، قد ترك المحكم واتبع المتشابه، ووقع في القول بلا علم لأنه لا يجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد نجاسة الماء لما نهى عن البول فيه، وإنما غاية ما عنده الظن. فإن قدرنا أن هذا لا يدخل في عموم الماء فى قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وتكلم فيه بالقياس فقد خالف قوله: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة: 101]؛ وإن علل بقوله: لا يبين لي دخوله في العموم، وأخاف لأجل النهي عن نجاسته، قيل: لك مندوحة عن القول بلا علم; وهو إلحاقه بالمتشابهات.
رد مع اقتباس