الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذه رسالة مختصرة في بيان دائين خطيرين عمّ انتشارهما بين كثير من أبناء المسلمين، وقد جمعتها من كلام أهل العلم كسماحة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين حفظهم الله تعالى وأعلى منزلتهم إنه سميع مجيب.
( وصيتي لكل مسلم تقوى الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال وأن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير بين الناس، قال الله سبحانه وتعالى:
وهنا أشياء قد يجرها الكلام ينبغي التنبيه عليها والتحذير منها لكونها من الكبائر التي توجب غضب الله وأليم عقابه وقد فشت في بعض المجتمعات، ومن هذه الأشياء:
1- ( الغيبة ): وهي ذكرك أخاك بما يكره لو بلغه ذلك سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو في دينه أو دنياه بل وحتى في ثوبه وداره ودابته، فعن أبي هريرة
والغيبة محرمة لأي سبب من الأسباب سواء كانت لشفاء غيظ أو مجاملة للجلساء ومساعدتهم على الكلام أو لإرادة التصنع أو الحسد أو اللعب أو الهزل وتمشية الوقت فيذكر عيوب غيره بما يضحك وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنها وحذر منها عباده في قوله عز وجل:
وفي الحديث عن أبي هريرة
والأحاديث الثابنة عن رسول الله
2- مما ينبغي اجتنابه والابتعاد عنه والتحذير منه ( النميمة ):
التي هي نقل الكلام من شخص إلى آخر أو من جماعة إلى جماعة أو من قبيلة إلى قبيلة لقصد الإفساد والوقيعة بينهم وهي كشف ما يكره كشفه سواء أكره المنقول عنه أو المنقول إليه أو كره ثالث وسواء أكان ذلك الكلام بالقول أم بالكتابة أم بالرمز أم بالإيماء وسواء أكان المنقول من الأقوال أم الأعمال وسواء كان ذلك عيباً أو نقصاً في المنقول عنه أو لم يكن فيجب أن يسكت الإنسان عن كل مايراه من أحوال الناس إلا ما في حكايته منفعة لمسلم أو دفع لشر.
والباعث على النميمة: إما إرادة السوء للمحكي عنه أو إظهار الحب للمحكي عليه أو الاستمتاع بالحديث والخوض في الفضول والباطل وكل هذا حرام.
وكل من حملت إليه النميمة بأي نوع من أنواعها فيجب عليه عدم التصديق لأن النمام يعتبر فاسقاً مردود الشهادة، قال الله تعالى:
وأدلة تحريم النميمة كثيرة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى:
وعن ابن مسعود
وإنما حرمت الغيبة لما فيهما من السعي بالإفساد بين الناس وإيجاد الشقاق والفوضى وإيقاد نار العداوة والغل والحسد والنفاق وإزالة كل مودة وإماتة كل محبة بالتفريق والخصام والتنافر بين الأخوة المتصافين ولما فيهما أيضاً من الكذب والغدر والخيانة والخديعة وكيل التهم جزافاً للأبرياء وإرخاء العنان للسب والشتائم وذكر القبائح ولأنهما من عناوين الجبن والدناءة والضعف هذا إضافة إلى أن أصحابهما يتحملون ذنوباً كثيرة تجر إلى غضب الله وسخطه وأليم عقابه.
ويقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى:
( أيها المسلمون لقد شاع بين كثير من المسلمين داءان عظيمان لكن السلامة منهم يسيرة على من يسرها الله عليه. أيها المسلمون فشا فينا داء الغيبة وداء النميمة.
أما الغيبة فهي ذكر الإنسان الغائب بما يكره أن يذكر فيه من عمل أو صفة فإن كثيراً من الناس صار همه في المجالس أن يأكل لحم فلان وفلان، فلان فيه كذا وفيه كذا ومع ذلك لو فتشت لرأيته هو أكثر الناس عيباً وأسوأهم خلقاً وأضعفهم أمانة وإن مثل هذا الرجل يكون مشؤوماً على نفسه ومشؤوماً على جلسائه لأن جلساءه إذا لم ينكروا عليه صاروا شركاء له في الإثم وإن لم يقولوا شيئاً.
أيها المسلمون لقد صور الله الإنسان الذي يغتاب إخوانه المسلمين بأبشع صورة مُثلت بمن يأكل لحم أخيه ميتاً ويكفي قبحاً أن يجلس الإنسان على جيفة أخيه يقطع من لحمه ويأكل.
أيها المسلمون إن الواجب عليكم إذا سمعتم من يغتاب إخوانه المسلمين أن تمنعوه وتذبوا عن أعراض إخوانكم ألستم لو رأيتم أحداً قائماً على جنازة رجل من المسلمين يأكل لحمه، ألستم تقومون عليه جميعاً وتنكرون عليه. إن الغيبة كذلك تماماً كما قال الله تعالى:
أيها المسلمون إن كثيراً من أهل الغيبة إذا نُصحوا قالوا: نحن لا نكذب عليه هو يعمل كذا ولقد قيل للنبي
أما الداء الثاني الذي انتشر بين بعض الناس فهو داء النميمة وهي أن ينقل الكلام بين الناس فيذهب إلى الشخص ويقول قال فيك فلان كذا وكذا لقصد الإفساد وإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين وهذه هي النميمة التي هي من كبائر الذنوب ومن أسباب عذاب القبر وعذاب النار قال النبي
أيها المسلمون: إن الواجب على من نقل إليه أحد أن فلان يقول فيه كذا أن ينكر عليه وينهاه عن ذلك وليحذر منه فإن من نقل إليك كلام الناس فيك نقل عنك ما لم تقله، قال الله تعالى:
الوقفة الأولى: هل الغيبة عمل صالح تتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى فتزيد من حسناتك وتزيدك بالتالي قرباً من الجنة أم أنها على النقيض من ذلك؟
الوقفة الثانية: هل تحب أن يغتابك أحد فيذكر عيوبك ومساوئك ـ وما أكثر العيوب والمساوئ ـ فإن كنت لا تحب ذلك فإن إخوانك لا يحبون ذلك.
الوقفة الثالثة: تذكر قبل أن تغتاب إخوانك هذه الآية:
الوقفة الرابعة: تذكر قبل أن تغتاب أن الغيبة بضاعة الجبناء من الناس فالمغتاب لا يتكلم إلا في حال الغيبة ولو كان شجاعاً لتكلم وأظهر ما في نفسه في حال وجود من اغتاب في الخفاء ولكنه جبان وضعيف الشخصية؟! هل تحب أن تتصف بهذه الصفة القبيحة التي تخرم إنسانيتك؟
الوقفة الخامسة: تذكر قبل أن تغتاب أن الغيبة زيادة ونقصان، فهي زيادة في ذنوبك وسيئاتك ونقصان في أجرك وحسناتك، والسيئات والحسنات هي بضاعتك يوم القيامة، فلك أن تختار في هذه الدنيا أن تزيد من حسناتك أو أن تزيد في سيئاتك والرابح أو الخاسر في ذلك كله أنت فاختر لنفسك.
الوقفة السادسة: تذكر قبل أن تغتاب هذه الأحاديث الشريفة وضعها نصب عينيك وحري بك أن تحفظها.
قوله
الوقفة السابعة: تذكر قبل كل شيء من تعصي بالغيبة هل تعصي فلان وفلان؟ هل تخالف أمر فلان وفلان؟ لا إنك تعصي الله سبحانه وتعالى إنك تخالف أمر خالقك وموجدك ورازقك والمتفضل عليك سبحانه وتعالى، إنك بالغيبة تحارب الله عز وجل، فهل تحب أن تكون ممن يحاربون الله عز وجل؟
قوله
الوقفة الثانية: تذكر قبل النميمة أن النميمة بضاعة شرار الخلق وأن النمامين هم شرار الأمة فعن أسماء بنت يزيد قالت: قال النبي صلى الله: { ألا أخبركم بخياركم } قالوا: بلى، قال: { الذين إذا رؤوا ذكر الله، أفلا أخبركم بشراركم } قالوا: بلى، قال: { المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون والبرآء العنت }.
الوقفة الثالثة: تذكر قبل النميمة أن من كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، عن أنس عن النبي
الوقفة الرابعة: تذكر قبل النميمة أن من تحاول الإفساد بينهم بالنميمة سوف يكونون خصومك يوم القيامة ذلك اليوم العظيم الذي لا حساب فيه إلا بالحسنات والسيئات.
الوقفة الخامسة: تذكر قبل النميمة أن أمرك سيكشف أمام الناس في يوم من الأيام فتصبح بعد ذلك وحيداً فريداً منبوذاً بين الناس لا صاحب لك ولا محب.
الوقفة السادسة: تذكر قبل النميمة الموت وسكراته وقصر الحياة الدنيا وقرب الأجل وسرعة الإنتقال إلى الدار الآخرة وضمة القبر وعذابه والقيامة وأهوالها والنار وأغلالها.
الوقفة السابعة: تذكر قبل كل شيء أنك بالنميمة تخالف أمر الله تعالى وتعلن الحرب على شرع الله سبحانه وتعالى فاحذر الوقوع في هذا الأمر ولا تلقي بنفسك إلى التهلكة.
2- التربية السيئة التي ينشأ عليها الطفل.
3- الرفقة السيئة: فالرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
4- الكبر والتعالي واغترار الإنسان بنفسه ورؤيته لها أنها أفضل من الآخرين.
5- الحقد والحسد اللذان يدفعان بالإنسان أن يغتاب غيره.
6- التسلية وإضاعة وقت الفراغ.
7- إرضاء الآخرين من أصحابه.
8- الجهل، وذلك إما جهلاً بحكم الغيبة والنميمة أو جهلاً بعاقبتهما السيئة وأليم عقاب الله سبحانه عليهما.
2- الرفقة الصالحة التي تعين على الخير وتحذر من الشر.
3- إعمار وقت الفراغ، لأن الفراغ سلاح ذو حدين، فمن استغله في الخير فهو الرابح في الدنيا والآخرة.
4- تقديم رضى الله على رضى الآخرين.
5- القناعة والرضى بما وهب الله سبحانه وتعالى وحمده على كل حال.
6- تقوية الإيمان وذلك بالعلم النافع وكثرة الأعمال الصالحة.
7- الإنشغال بعيوبك عن الآخرين وذلك بالبحث عنها ومعالجتها والتخلص منها.
الجواب: الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم ومن الغيبة المحرمة بل من كبائر الذنوب، لقول الله سبحانه:
ولما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة
والواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه؛ لقول النبي
أصلح الله حال المسلمين ووفقهم لما فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة [سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز].
سؤال: فضيلة الشيخ جماعة فاكهة مجالسهم الغيبة والنميمة ولعب الورقة وغيرها، السؤال: هل تجوز مجالستهم مع العلم أنهم جماعتي وتربطني بأكثرهم علاقة أخوية ونسب وصداقة وغيرها؟
الجواب: هؤلاء الجماعة الذين فاكهة مجالسهم أكل لحوم إخوانهم ميتين، هؤلاء في الحقيقة سفهاء لأن الله يقول في القرآن الكريم:
فلما جعل القاعدين مع هؤلاء الذين يسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، لما جعلهم في حكمهم مع أن هذا أمر عظيم يخرج من الملة، فإن من شارك العصاة فيما دون ذلك مثل هؤلاء الذين شاركوا هؤلاء العصاة الذين كفروا بآيات الله واستهتروا بها، فيكون الجالس في مكان الغيبة كالمغتاب في الإثم، فعليك أن تفارق مجالسهم وأن لا تجلس معهم، وكونك تربطك بهم رابطة قوية فهذا لا ينفعك يوم القيامة ولا ينفعك إذا انفردت في قبرك فعما قريب سوف تفارقهم أو يفارقونك ثم ينفرد كل منكم بما عمل وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:
سؤال: فضيلة الشيخ ما نصيحتكم حفظكم الله تعالى لأصحاب الغيبة والنميمة والمتفكهين بأعراض المسلمين؟
الجواب: لا شك أن الغيبة ذنب عظيم حيث أن فيه الإستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم والتنقص لهم بذكر المعايب وإفشاء الخفايا والتنقيب عن المساوئ مع ستر المحاسن ولذلك ورد النهي الشديد عن الغيبة فقال تعالى:
وأما النميمة فهي نقل كلام الغير على وجه التحريش والإفساد وقد رود في الحديث: { لا يدخل الجنة قتات } أي نمام، [رواه مسلم] وورد في الحديث: { ألا أخبركم ما العضة هي النميمة القالة بين الناس } ولذلك قال بعض العلماء يفسد النمام في الساعة ما لا يفسد الساحر في السنة ولذلك ذم الله الذي يفعل ذلك بقوله:
أخيراً أخي الحبيب يمكنك الرجوع لكتاب: ( احذر البضاعة الذميمة الغيبة والنميمة ).
0 التعليقات :
إضغط هنا لإضافة تعليق
إرسال تعليق
Blogger Widgets