القواعد التى تدور الأحكام عليها
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف
من كتاب
أربع قواعد تدور الأحكام عليها
ضمن مؤلفات الشيخ
محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي
(المتوفى: 1206هـ)
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
بسم الله الرحمن الرحيم
القاعدة الأولى
تحريم القول على الله بلا علم
القاعدة الثانية
كل شيء سكت عنه الشرع فهو عفوٌ لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكره
القاعدة الثالثة
ترك الدليل الواضح والاستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ والضلال
القاعدة الرابعة
الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات
هذه الكلمات الإربع مع اختصارهن يدور عليها الدين، سواء كان المتكلم يتكلم في علم التفسير أو في علم الأصول أو في غير ذلك من أنواع علوم الدين.
تطبيقــــات
أحكام المياه
وقال آخرون: الماء ثلاثة أنواع: طهور و طاهر ونجس والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ" [مسلم: كتاب الطهارة؛بَاب النَّهْيِ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ]، فالماء بهذا اصبح مستعملاً فلولا أنه يفيد المنع من التطهر به لم ينه عليه السلام من الاغتسال فيه ودليل آخر أنه لو وكل انسان رجلاً في شراء ماء فاشترى ماء مستعملاً أو متغيراً بطاهر لم يلزمه قبوله، فدل على أنه لا يدخل في الماء المطلق.
قال الأولون: النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يغتسل الرجل في الماء الدائم" [مسلم: الطهارة ]، وإن عصى وفعل فالقول في الماء مسألة أخرى لا تَعَرُّضَ لها في الحديث لا بنفي ولا إثبات، وعدم قبول الموكل لا يدل، فلو اشترى له ماء من ماء البحر لم يلزمه قبوله; ولو اشترى له ماء متقذراً طهوراً لم يلزمه قبوله، فانتقض ما قلتموه، فإن كنتم معترفين أن هذه الأدلة لا تفيدكم إلا الظن وقد ثبت أن "الظن أكذب الحديث" [البخاري: كِتَاب الْأَدَبِ؛ بَاب مَا يُنْهَى عَنْ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ] فقد وقعتم في المحرم يقينا أصبتم أم أخطأتم لأنكم أفتيتم بظن مجرد، فإن قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } [النساء: 43] كلام عام من جوامع الكلم،فكلمة الماء هنا عامة فإن دخل فيه هذا الماء الدائم الذى أُغْتَسِلَ خالفتم النص وإن لم يدخل فيه وسُكِتَ عنه فهو عفو لا يحل الكلام فيه; وعصيتم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة : 101]. الآية، وكذلك إذا تركتم هذا اللفظ العام الجامع مع قوله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور لا ينجسه شيء"[وأبو داود: الطهارة (66) قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث] ، وتركتم هذه الألفاظ الواضحة العامة، وزعمتم أن الماء ثلاثة أنواع بالأدلة التي ذكرتموها وقعتم في طريق أهل الزيغ في ترك المحكم واتباع المتشابه.
فإن قلتم لم يتبين لنا أنه طهور، وخفنا أن النهي يؤثر فيه، قلنا قد جعل الله لكم مندوحة وهو الوقف وقول لا أدري وإلا ألحقوه بمسألة المتشابهات التى لا يعلمها كثير من الناس، وإما الجزم بأن الشرع جعل هذا طاهراً لا مطهر فقد وقعتم في البحث عن المسكوت عنه، واتباع المتشابه وتركتم قوله: صلى الله عليه وسلم "وبينهما أمور مشتبهات" "[البخارى: كِتَاب الْإِيمَانِ؛ بَاب فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ" [مسلم: كتاب الطهارة؛ بَاب النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ]
قالوا:إن الماء الكثير ينجسه البول لنهيه عليه السلام عن البول فيه.
فيقال لهم: الذي ذُكِرَ, النهي عن البول فيه ، وأما نجاسة الماء وطهارته فلم يتعرض لها الحديث، وتلك مسألة أخرى يستدل عليها بدليل آخر وهو قوله في الكلمة الجامعة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وهذا ماء وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الماء طهور لا ينجسه شيء" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وقال الشيخ الألباني: صحيح [جامع الترمذى 1/95 رقم الحديث66]
فمن ترك هذا المحكم وأفتى بنجاسته معللاً بنهيه عن البول فيه، قد ترك المحكم واتبع المتشابه، ووقع في القول بلا علم لأنه لا يجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد نجاسة الماء لما نهى عن البول فيه، وإنما غاية ما عنده الظن. فإن قدرنا أن هذا لا يدخل في عموم الماء فى قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} وتكلم فيه بالقياس فقد خالف قوله: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة: 101]؛ وإن علل بقوله: لا يبين لي دخوله في العموم، وأخاف لأجل النهي عن نجاسته، قيل: لك مندوحة عن القول بلا علم; وهو إلحاقه بالمتشابهات.
0 التعليقات :
إضغط هنا لإضافة تعليق
إرسال تعليق
Blogger Widgets