28 سبتمبر 2014

الإعجاز في السنة المطهرة: ناصيتي بيدك

الإعجاز في السنة المطهرة: ناصيتي بيدك

نتأمل قول النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام: (ناصيتي بيدك) لماذا أكد على منطقة الناصية بالذات، وما هي علاقة هذه المنطقة بالإيمان والكفر... لنقرأ.....

 عبارات كثيرة كان يرددها سيد البشر عليه الصلاة والسلام، لماذا؟ وما الحكمة من الأدعية الكثيرة التي كررها نبي الرحمة باستمرار، لدرجة أن الذي يتعمق في حياة النبي الكريم يلاحظ على الفور أن كل أعماله وكل حركاته وسكناته كان يدعو بدعاء محدد، ما هو السر يا تُرى؟ وهل من معجزة من وراء ذلك؟
لكي نتعرف على الحكمة أو جزء من الحكمة نلجأ إلى عبارة لفتت انتباهي من دعاء نبوي عظيم يُقال عند الكرب والهم والحزن، يقول فيه الحبيب الأعظم: (اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما قاله عبد قط إذا أصابه هم أو حزن إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا) قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال (أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن) [رواه ابن حبان في كتاب الرقائق، والإمام أحمد عن ابن مسعود]. [رواه ابن حبان في كتاب الرقائق، والإمام أحمد].
والسؤال: لماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ناصيتي بيدك)؟ وما علاقة الناصية باستجابة الدعاء؟ بل ما علاقة هذه المنطقة من الرأس بالإيمان بالله تعالى؟ طبعاً الناصية هي مقدمة وأعلى الرأس، أي المنطقة أعلى جبين الإنسان، وهذه المنطقة يوجد خلفها مباشرة مقدمة الدماغ وهي أهم جزء من أجزاء الدماغ عند الإنسان.
اكتشاف مهم
كما نعلم هناك أجزاء كثيرة من الدماغ لم تُكتشف حتى الآن، ويحاول العلماء الغوص في أعماق الدماغ لمعرفة أسراره وكل جزء من أجزائه ما هو عملها وتأثيرها. ومن آخر الاكتشافات العلمية أن بعض العلماء قام بتجربة على الدماغ، وكان يهدف لدراسة المنطقة المسؤولة عن الكفر والإيمان! فماذا وجد؟
لقد كانت المفاجأة أن المنطقة المسؤولة عن الكذب والصدق في الدماغ هي ذاتها المسؤولة عن الكفر والإيمان! وهي المنطقة الأمامية من الدماغ أو منطقة الناصية وتحديداً ما يسمى (VMPC) أو ventral medial prefrontal cortex. لقد وجدوا أن المنطقة الأمامية من الدماغ مسؤولة أيضاً عن اتخاذ القرارات، وعن القيادة، أي قيادة الإنسان لنفسه ولغيره.
يقوم العلماء في جامعة بنسلفانيا University of Pennsylvania  اليوم بدراسة الموجات الاهتزازية التي يبثها الدماغ، ومنهم الدكتور Knight Robert بدراسة دقيقة للدماغ باستخدام جهاز المسح بالرنين المغنطيسي الوظيفي fMRI ، وباستخدام موجات غاما التي يبثها الدماغ، يقول هذا الباحث: إن الموجات التي يبثها دماغ الإنسان تتغير مع طريقة تفكيره، تتغير أثناء الكذب وأثناء الخطأ، وأثناء الإيمان بشيء ما، أو خلال إنكار شيء ما.
لقد وجد العلماء أيضاً أن هذه المنطقة تنمو أثناء الإيمان عندما يعيش الإنسان حالة من الاندماج مع معتقدات معينة، ولكن في حالة الممارسات السيئة والاضطرابات في العقيدة وعدم الإيمان بشيء (أي الإلحاد) فإن هذه المنطقة "تتآكل" مع الزمن ويقل عدد خلايا الدماغ فيها وتصبح أصغر حجماً، وبالتالي تزداد الاضطرابات النفسية لدى هؤلاء ويزداد لديهم القلق والإحباط، وربما يسهل عليهم الانتحار!
وإذا ما علمنا أنه في العام الماضي فقط (2007) انتحر أكثر من 700 ألف شخص معظمهم في دول غربية يتمتع أفرادها بنسب عالية من الإلحاد ندرك أهمية هذا الأمر، وأهمية أن يكون الإنسان مؤمناً. ومن أغرب ما قرأت أن بعض الباحثين اليوم يؤكدون على ضرورة إقحام الدين في العلم!!!
فقد وجدوا أن الدين والإيمان مهم جداً في علاج الاضطرابات النفسية، ومهم في علاج الانتحار، ومهم في الشفاء، لأن الاعتقاد بالشفاء هو نصف الشفاء! ولذلك نجد بين وقت وآخر دعوات تنطلق من علماء ملحدين!!! من أجل دمج الدين بالعلم، وهذا أغرب ما في الأمر، أي أنهم يريدون استخدام الدين فقط من أجل الدنيا، ولكنهم لا يدركون شيئاً عن الآخرة.
وهنا يا أحبتي لابد أن نستشعر رحمة الله وفضلة علينا أن جعلنا مسلمين، وجعلنا نعيش كل لحظة من لحظات حياتنا مع القرآن، وهذا من أعظم أنواع الإعجاز، أن المؤمن يجد في كتاب الله تعالى آيات تناسب جميع أحواله وهذا ما لا نجده في أي كتاب آخر!
ويؤكد العلماء أن الدماغ يبث موجات كهرطيسية بشكل دائم، وتتغير هذه الترددات وشكل الموجات وشدتها وقيمة ذبذبتها حسب نوع التصرف وحسب نوع الكلام، ويقولون بأن أفعال الإنسان مهما كانت صغيرة تترك آثاراً على جبهة الإنسان، وخلف الجبهة، أي أن شكل الناصية يختلف من شخص لآخر حسب الإيمان والكفر وحسب معتقداته، ولذلك فإن الإنسان الذي يمارس الأفعال السيئة فإن ناصيته تختلف عن الإنسان الذي يمارس أعمال الخير.
ولذلك فإن الله تعالى سوف يأخذ هذه نواصي المجرمين ويقودها إلى جهنم والعياذ بالله، هؤلاء الملحدين سوف يُعرفون ويميَّزون يوم القيامة يعرفهم الناس من جبهتهم ومن العلامات البارزة عليها، والتي كانت مختفية في الدنيا عنا فإن الله تعالى يظهرها للعباد يوم القيامة، ولذلك يقول تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) [الرحمن: 41].
من هنا نستفيد شيئاً جديداً ألا وهو أن نسلم هذه الناصية لله تعالى، وأن نردد قول سيدنا هود عليه السلام كلما اعترضنا موقف صعب: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56].
وأخيراً نستطيع أن نستنتج أن المنطقة المسؤولة عن تحديد الإيمان والكفر هي منطقة الناصية في الدماغ، ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يؤكد على أهمية هذه المنطقة، حتى إنه يضع يده الشريفة على جبهة المريض ليدعو له ويقرأ له القرآن فيُشفى بإذن الله!
اللهم إنا نعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم.

20 سبتمبر 2014

لن أخاف من الموت بعد ذلك...!


نخاف كلنا من الموت ومما بعده

ونسينا ان عندنا أسباب الوقاية من تعب الموت ومن التعب بعده

*تلك ثلاثة أنواع من الناس عند الإحتضار ، هؤلاء المقربون ممن سارعوا فى الخيرات تقربا لله وتوددا أملا فى رحمته وعطفه ، ورغبة فى جنته ، وهؤلاء أصحاب اليمين ممن أطاعوا الله وفعلوا الواجبات وتركوا المحرمات ، وأعاذنا الله من النوع الثالث وهم أصحاب الشمال المكذبين ،الضالين ،المضلين ، الذين أصروا على المعصية وانحدر بهم الهوى فى هاوية الضلال والإضلال ، والكافرين بأنعم الله .

فالنوع الأول... تبشرهم الملائكة بالفرح فى جنة النعيم وجنة الخلد ، والرحمة والراحة والإستراحة والسرور والرزق الحسن .

قال صلى الله عليه وسلم برواية كعب ابن مالك :" إنما نسمة المؤمن طائر يعلق فى شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ". أخرجه أحمد

وأما النوع الثانى ... تبشرهم الملائكة بالسلام والسلامة وتخبرهم أنهم من أصحاب اليمين وأنهم من اوليائه فى الدنيا والآخرة .

وهذا النوع الثالث ... فإن الملائكة يضربونهم لينتزعوا أرواحهم الخبيثة من الجسد الخبيث ، ويتوعدونهم بالجحيم والحميم الذى تصهر به الجلود وما فى البطون

* وهذا ملك الموت ، وجاءت تسميته فى الآثار بعزرائيل ولم يصرح بإسمه فى القرآن أو الأحاديث الشريفه ، وله أعوان يستخرجون روح العبد من جسده فيتناولها ملك الموت بيده ، ثم يأخذوها ويضعونها فى أكفان ثم يصعدون بها ، فإذا كانت صالحة فتحت لها أبواب السماء ، وإن كانت غير صالحة ألقي بها إلى الأرض

* وتلك الملائكة الموكلة بسؤال العبد في قبره ويسميان منكر و نكير فقد قال تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) إبراهيم 27

يسألان العبد عن ربه ،عن نبيه ،عن دينه ، وورد أنهما أزرقان أفرقان ولهما أنياب و أصوات وأشكال مزعجة

ولأتق ما يكون من شر ، وأجد ما يسعدنى عند الوفاة وبعدهاسهل :...!

أقاوم رغبات نفسى.
أطيع الله فى أوامره.
أنتهى عما نهى عنه.
أتعلم دينى.
أقدم أى طيبة وأدعوالله يتقبل منى ولو كانت بسيطة ولا أحقر معروف ولو كلمة طيبة.

لاأؤذى أحد وأقدم تعاونى وأجتمع لذكر الله وأذكره فى خلوتى.

****************************
وتعودوا على الإجابة الصواب ، فكل الناس تعلم أن محمده رسول الله وهم بين كافر ومؤمن
ولنكن مميزين برد سليم فى القبر
هو رسول الله أدى الأمانة وبلغ الرسالة وما هو بشاعر ولا ساحر ولا مجنون

لسانك هو أسرع أعضائك حركة وأشدّها خطرآعليك !!!‎


لسانك هو أسرع أعضائك حركة وأشدّها خطرآعليك !!!‎

لسانك هو أسرع أعضائك حركة وأشدّها خطرآعليك !!!‎


الحمد لله الذي خلق لنا من الجوراح ما نعبده بها ونشكره، نحمده سبحانه ونثني عليه، ومن هذه الجوارح التي خلقها الله لنا اللسان،
فهو أعظمها أثرا، وأشدها خطرا، فإن استعمل فيما يرضيه جلب الحسنات، وأن استعمل فيما يسخطه جلب السيئات،
فبكلمة واحدة يقولها العبد يرضى الله بها عنه إلى يوم يلقاه، وبكلمةٍ واحدةٍ يقولها العبد يسخط الله بها عليه إلى يوم يلقاه،
وأعظم البلاء على الإنسان في الدنيا فرجه ولسانه، فمن وقي شرهما فقد وقي أعظم الشر،
فينبغي للعاقل أن يحفظ لسانه أكثر من حفظه لموضع قدمه، وكان بعض السلف يحفظ كلامه من الجمعة إلى الجمعة.

آفـــــات اللســــان كثيرة منـــــها :

1- الغيبــــــــة :
وللسان له آفات كثيرة ومنها الغيبة، وقد ضبطها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الضابط الجامع المانع المحكم وهو قوله :
( ذكرُك أخاك بما يكْرهُ ) مسلم (2589) .
فإذا ذكرته بشيءٍ فيه عيب له تصريحاً أو تلميحاً أو إشارةً، سواء كان ذلك في بدنه أو دينه أو دنياه، أو نفسه أو خلقه أو خُلقه أو ماله، أو ولده أو زوجته أو خادمه أو ثوبه، أو حركته أو طلاقته، أو عبوسته،أو مهنته ونحو ذلك، سواءً كان لفظاً أو إشارةً أو رمزاً فإنها غيبة.

قالت عائشة رضي الله عنها: قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم :
( حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا – وأشارت يَعْنِي قَصِيرَةً يكفيك من عيبها أنها كذلك،وهذا مما يكون بين الضرائر - فَقَالَ: لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ )
أبو داود (4875) وصححه الألباني.

فكل ما أفهم الغير من عيبٍ عن مسلم فهو غيبة، سواءً كان تعريضاً أو تصريحاً ويدخل في ذلك قول فلان الله المستعان، وفلان نسأل الله العافية، وفلان الله لا يبلانا، ونحو ذلك فكل ذلك من الغيبة، ويكون قد جمع بهذه الكلمات بين أمرين، غيبته لأخيه المسلم ومدحه لنفسه، يعني أنه ليس كذلك، وقد تكون الغيبة في جسمه كأن يقول أعمى أو أعور أو أسود أو بدين ونحو ذلك، وقد تكون في نسبه كأن يقال : هذا فلان من بلد كذا على وجه التحقير أو أصله كذا ونحو ذلك، أو لا أصل له ولا نسب على وجه الاحتقار، وكذلك بسبب المهنة أو أن يذكره بمهنةٍ على وجه التنقص والازدراء مما يعتبر عند الناس وضيعاً، وقد يكون بخلقٍ أو بأمرٍ دنيويٍ، كأن يقول فلان دمه ثقيل، أو بمظهرٍ، كأن يقول فلان رث الهيئة ونحو ذلك، فكل ما أفهمت به غيرك نقصاً في مسلم فهو غيبة، وبعضهم إذا وعِظ قال : أني مستعد أن أقول هذا الكلام في وجهه، فإذا قال عن شخصاً مثلاً هو غبي، فوعِظ فذهب اليه فقال له في وجه أنت غبي.
فإن الغيبة لا زالت غيبة، ويكون قد أضاف إليها إثماً آخر وهو السب والشتم فجمع إلى ذكر أخيه بغيبته أثم الغيبة، وبقوله في وجهه أثم السب والشتيمة.

والغيبة آفة خطيرة من آفات اللسان، وهي من أقبح القبائح وأكثرها انتشاراً بين الناس، وقد بغّض إلينا ربنا هذا فقال :
{ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ }
(الحجرات: من الآية12).
تكرهون أن تأكلوا لحوم إخوانكم الموتى فلا تغتابوهم، كما تكرهون هذا فاكروه الغيبة.
" فضرب المثل بأكل اللحم, لأن اللحم ستر على العظم, والشاتم لأخيه كأنه يقشر ويكشف ما عليه "
روح المعاني (26/158 (.
وكثيرمن المسلمين يتورعون عن تناول بعض اللحوم خشية أو شكاً في مصدرها، ولكنهم لا يتورعون عن الولوغ في لحوم إخوانهم المسلمين،
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لما عُرج به أنه رأى أقواماً ( لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ.. من هؤلاء ؟ قال : الذين يغتابون الناس)
سنن أبي داود (4878) وصححه الألباني.

تتقطع الأواصر الأخوية بسبب الغيبة، وتفسد المودة، وتبذر العداوة وتنشر المعايب ولا سيما إذا كان في شخصٍ قدوةٍ بين الناس، أو مما يد عو إلى الخير، وكثير من هؤلاء المنافقين أصحاب الأقلام المشبوهة من اللمّازين والهمّازين والغمّازين الذين يريدون تشويه صورة أهل الدين وإسقاطهم من أعين الناس وأنظارهم، يسعون في كثير من ذلك تبت أيديهم وتباً لهم ما كتبوا وما كسبوا، والمغتاب يخسر من حسناته بإعطائها إلى من يغتابه رغماً عنه، ولما بلغ الحسن البصري رحمه الله أن رجلاً اغتابه، أهدى له طبقًا من رطب.
" وغيبة المسلم من شعار المنافق ". عون المعبود (13/224).

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:
( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَهُ لا تغتابوا المسلمين ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتّبعَ عوراتِهم يتّبع اللهُ عورتَهُ، ومن يتبع الله عورته، يفضحهُ في بيته )
( أبو داود 4/270 وأحمد 4/421، 424 وانظر صحيح الجامع للألباني 3549 ) .

فهذه الغيبه والاستطالة في أعراض المسلمين من أعظم الربا وكان بعض العلماء كعبد الرحمن بن مهدي يرى بأن الغيبة تنقض الوضوء، وينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها وأن يزجره وأن يعضه وأن ينهاه وأن يدافع عن أخيه المسلم الذي اغتيب، فإلم ينزجر المتكلم فارق المجلس، ويحرم سماع الغيبه وفحش القول كما ذكر أهل العلم،
وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا وحث عليه، فقال :
( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة)
( أخرجه أحمد 6/450 والترمذي 4/327 وصححه الألباني) .


عــــــــلاج الغيبــــــــة :
- تقوى الله، والانشغال بعيوب النفس وتدبرها، ومجاهدة نوازع الشر، قال بن وهب - رحمه الله :
( نذرنت كل ما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما فأجهدني فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم فمن حب الدراهم تركت الغيبة ) .

فهل تحريم الغيبة مطلق ؟
- الجواب : فيه استثناءات ولا شك للمصالح الشرعية، فتباح عند كل غرضٍ صحيحٍ شرعاً عندما لا يمكن الوصول إليه إلا بها،

أولاً :
التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى القاضي أو صاحب الولاية والسلطة فيذكر ما في من ظلمه من الظلم أو الخيانة ونحو ذلك لأخذ حقه، وفيه هذا قول الله تعالى :
{ لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ }
( النساء: 148 )

ثانياً :
الاستعانة على تغيير المنكر، بذكره لمن يغيره كأهل الحسبة بما فعل فلان من المعاصي أو الموبقات ونشر الفساد ونحو ذلك من أنواع المنكرات بين المسلمين، وهذا لا يذكره إلا لصاحب الشأن الذي يغيره .

ثالثاً :
الاستفتاء فإذا احتاج أن يقول للمستفتي : ظلمني أبي بكذا فماذا أفعل ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة، وكمن تخبر المفتي عن زوجها في أمرٍ شرعيٍ لا بد لها من سؤاله عنه، وقالت هند لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سراً
قال: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)).

رابعاً :
تحذير المسلمين من الشر، وذلك من وجوه، منها : بيان حال الرواة من المجروحين حتى يحذر من روايتهم، إنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشوكاني:" بيانُ كذب الكذابين من أعظم النصيحة الواجبة لله ولرسوله ولجميع المسلمين".
ومنها : الإخبار بالعيب عند المشاورة، وقد شاورك واستنصحك فلا بد أن تنصح له فيما لا بد له أن يعرفه، وإلا فإنه قد يقدم على تزويج فلان ثم يتورط، أو الدخول شريكاً مع فلان ثم يتعثر، ومنها : أنك إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً أن تبين له العيب أو الغش الذي في هذا، ولو كان يعود على البائع بذم، فإنك تقصد النصيحة ولا ذم البائع، ومنها : أنك إذا رأيت شخصاً يتردد إلى مبتدعٍ أو فاسقٍ فإنك تحذره منه، وإذا رأيت أخاك مثلاً يتردد إلى قرين سوءٍ فإنك تحذره منه ولا يعد ذلك غيبة، ومنها : شكوى مسؤولٍ إلى مسؤوله ومن هو أعلى منه في بيان ظلمه للناس وليست القضية طعناً شخصياً أو عدواة وأن تحاك مؤامرة لعزل أو إبعاد إنسان صالح،

ومما يسقط الحرمة في الغيبة أن يكون مجاهراً بالمعصية،كالمجاهر بالرشوة أو الخمر أو الزنا ونحو ذلك، فهؤلاء ليس لهم حرمة، فقد أسقطوا حرمتهم بمجاهرتهم، ولذلك قال العلماء ليست لفاسقٍ - يعني مجاهرٍ غيبة - ولكن لا يجوز أن يذكر بغير ما جاهر به،

خامسآ :
التعريف، كقول أهل الحديث : الأعمش، والأعرج، ونحو ذلك لأنه قد غلب اللقب عليه فلا سبيل إلى تمييزه عن غيره إلا به، وللا بد أن يفرغ قلب المتكلم من التنقص عندما يصفه بذلك، ولو أمكن التعريف بغيره فهو أولى.

ومن الأمور المهمة أن يخلو قصد المتكلم من التشفي والانتقام الشخصي، وأن يكون الغرض من الكلام الانتقام الشخصي والتشفي مُلبّساً بلباس النصيحة، وهذا التلبيس يجيده إبليس ويوقع فيه كثيراً من الناس، ولذلك فإنه لا بد من ضبط المصلحة العامة للمسلمين، وضبط قضية النصيحة والمشورة وضبط المصلحة ونحو ذلك لئلا يتوسع فيه، فتقال الغيبة تشفياً أو انتقاماً بلباس النصيحة.

النميمــــــــة :
ومن آفات اللسان العظيمة النميمة، وهي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض بقصد الإفساد بينهم، وضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كان بالقول أو الفعل حتى لو رأى شخصاً يُخفي ماله فأفشى سره فإنها نميمة،
وهي أشد من الغيبة من وجوه، فتقطع الأرحام وتحول بين الإنسان وزوجه، وتفرق بين الأُسر وتشتت ما بين القبائل، وقد توقع الحروب الكبيرة العامة، والنميمة من أخبث وسائل الشيطان للتفريق بين الناس، والنمّام قد رضي لنفسه أن يقوم بمهنة الشيطان، قال عليه الصلاة والسلام قبيل وفاته (( أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)) مسلم (2812).

فهذا التحريش هو الذي طمع به إبليس بعد ما رأى استقرار الأمور واستتبابها للنبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب، فلم يبقى له إلا التحريش، فالذي ينمي وينم، يقوم بوظيفة الشيطان، فكم جرّت النميمة من شرورٍ عظمى، وكم فرقت بين الناس وأفسدت من علاقات، وهي كبيرة من كبائر الذنوب، أجمعت الأمة على تحريم النميمة، وقال تعالى :
{ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ }
( القلم:10-11 ) .
وقال سبحانه : {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}(الهمزة:1).
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا يَدْخُلُ الجنَّةَ نَمَّام)) مسلم.
وقال أيضاً: ((لا يدخل الجنة قتات))
. البخاري 7/76 ومسلم 1/101 ، والقتات هو النمام. النووي.
والنمام الذي يحضر فيرى ويسمع ثم ينقل، والقتات الذي يتجسس عليك من حيث لا تشعر ثم ينقل.

قال عليه الصلاة والسلام: ((شِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ : الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ, الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ, الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ))
. أحمد (17537), وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه, رقم: (639).

والمشي بالنميمة موجب لعذاب القبر، وأي عبارة تنقل للتفريق بين اثنين، أو جعل أحدهما يكره الآخر، ولعن الله من خبب امرأةً على زوجها، وأفسدها عليه، ومنهم هؤلاء الذين يتصلون بالنساء من الرجال الأجانب فيعدها ويمنيها وما يعدها إلا غرورا، ثم يريد أن يفرق بينها وبين زوجها لكي يتزوجها هو ويعدها بأنه سيكون معها أحسن حالاً، ورومنسياً وعاطيفاً، كذاب أشر، وغاية من يصل إلى مراده من هؤلاء في كثير من الأحيان أن تنقلب العلاقة بعدها .
النمام ناقل لأخبار السوء، وصفه الله بالفسق ورد شهادته،
{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}
(الحجرات: من الآية6).


والنميمة من أنواع السحر لأن المشتَرك بينها وبين السحر التفريق،
{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (البقرة:102).

يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة، ولذلك قالوا أن النميمة أعظم السحر، وقد أوردها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضمن أنواع السحر في كتاب التوحيد، قال حماد بن سلمة: باع رجل غلاماً، فقال للمشتري: ليس فيه عيب إلا أنه نمام، فاستَخَفَّه المشتري فاشتراه، فمكث الغلام عنده أياماً، ثم قال لزوجة مولاه: إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك، أفتريدين أن يعطف عليك [يحبك]؟
قالت: نعم. قال لها: خذي الموسى واحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام.
ثم جاء إلى الزوج وقال: إن امرأتك تخادنت
[اتخذت خليلا] وهي قاتلتك، أتريد أن يتبين لك ذلك ؟
قال نعم. قال: فتناوم لها.
فتناوم الرجل، فجاءت امرأته بموسى لتحلق الشعرات فظن الزوج أنها تريد قتله، فأخذ الموسى فقتلها، فجاء أولياؤها فقتلوه، وجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الطرفين".الكبائر"
للذهبي صـ 156. تنبيه الغافلين. المحاسن والمساوئ (1/243).

كم قامت من حروب بسبب النميمة، وكلما عظم خطرها واشتدت كبر إثمها وعظم جرمها، ولذلك فهي بين الأقارب وذوي الرحم والأصحاب والجيران أشد مما بين البعداء .
وَاخْشَ النَّمِيمَة َ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَائِلَهَا ** يُصليكَ منْ حرهاَ ناراً بلاَ شُعَلِ
كمْ فريةٍ صدعتْ أركانَ مملكة ٍ ** وَمَزَّقَتْ شَمْلَ وُدٍّ غَيْرِ مُنْفَصِلِ

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( الكذب ذل، والنميمة لؤم، فمن كذب فجر، ومن نم سحر. ) أخبار الدولة العباسية (1/114).

ومما يدخل في هذا : ذو الوجهيـن، الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام:
((شر الناس .. الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)). متفق عليه.
وقال : ((من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار)). أبو داود (6372) وصححه الألباني.

فهذه الأحاديث الصحيحة تبين الخطر وأن حال هذا حال المنافق، يأتي كل طائفةٍ بما يرضيها،
من نمَّ في الناسِ لم تٌؤمن عقاربُه ** على الصديق ولم تؤمن أفاعيْهِ
كالسيلِ بالليلِ لا يدري به أحدٌ ** مِنْ أينَ جاءَ ولا من أين يأيته
الويلُ للعهدِ منه كيف ينقضُه ؟ ** والويلُ للودِّ منه كيف يُفنيهِ ؟

وينبغي من حملت اليه نميمة أن يقول لقائلها : اتق الله، وأن يعظه وأن لا يصدقه والدليل قول الله تعالى : { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } (القلم:10-11).
فلا تجوز طاعته، ولأن النمام لا يكون صادقاً أبداً.

وروي أن سليمان بن عبد الملك قال لرجل: بلغني أنك وقعت فيَّ، وقلت كذا وكذا.
فقال الرجل: ما فعلت. فقال سليمان: إن الذي أخبرني لصادق- هو ثقة عندي -.
فقال الرجل: لا يكون النمام صادقاً.
فقال سليمان: صدقت، امضي بسلام

فعليه أن يعظه، وأن يبغض فعله إليه، وألا يظن الذي يسمع النميمة وتنقل إليه بأخيه شراً أو سوءً فإن هذا مظن السوء، وأن لا يحمله ما يأتيه النمام به على التجسس، وألا يحكي نميمته عنه فيصير هو نمام أيضاً.

وروي أن بعض السلف زار أخا له وذكر له عن بعض إخوانه شيئا يكرهه، فقال له: يا أخي أطلت الغيبة، وأتيتني بثلاث جنايات: بغضت إلي أخي، وشغلت قلبي بسببه، واتهمت نفسك الأمينة. الكبائر (1/160).

فإن قيل هل هناك مواطن تباح فيها النميمة كالمواطن التي تبيح فيها الغيبة
؟؟؟

فالجـــواب :
نعم، كمن إذا سمع إنسان شخصاً يتحدث بإرادة فلان بالسوء أو أنه يخطط بمكرٍ أو شرٍ، أو افسادٍ في الأرض أو ظلم وعدوان، فيجب أن ينقل خبره ليكف شرّه، وتباح النميمة بإخبار أهل الحسبة وأهل السلطان بأعمال المفسدين وأهل الريب، وأهل الفجور والفساد والمخدرات وتهريب الضارات ونحو ذلك، فهذا إذا دعت إليه الحاجة فلا يكون نميمةً شرعاً لأن المقصود حفظ أمن المسلمين، وعقيدة المسلمين، ودين المسلمين، وأخلاق المسلمين، وأرواح المسلمين، فالمصلحة فيه عامة للمسلمين، والمصلحة فيه شرعية، وليس المقصود أن يوقع شراً بفلان، أو يبطش بفلان، أو ينقل كلاماً عن فلان للإيقاع فيه أو عزله من منصبه، أو إزالة نعمة هو بها مستمتع متعه الله، ونحو ذلك من أغراض النمامين الخبثاء، فإذا كان الغرض مصلحة المسلمين، وهي متمحضة وواضحة وحقيقية وليست وهمية، ولا ألبست لباساً وهي نميمة في الحقيقة، فإنه عندما تتمحض المصلحة يكون بذلك الإخبار، ومن هذه الحالات الحرب مع الكفار والحرب خدعة، وكما قام ذلك الصحابي بالتخذيل بين الأحزاب، فمشى عند هؤلاء يقول لهم : أولئك يريدون أن يدعوكم لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، ويقول لأولئك : هؤلاء يريدون أن يتركوكم لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فسعى في تشتيت شمل الأحزاب، ومشى بالنميمة بينهم، وبين المشركين وبني قريظة، حتى تناكرت نفوسهم وتفرقوا عن المدينة، وهكذا .

الكــــــــــــذب :
عباد الله، ومن آفات اللسان والموبقات الكذب، وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه في الحقيقة، وهو من قبائح الذنوب، وفواحش العيوب، ويكفي في التنفير منه أنه أول علامات النفاق، إذا حدّث كذب، هذه من علامات المنافق، وقد أجمع العقلاء على قبحه، وتطابقت الملل والنحل على منعه، وقد جاء في قوله تعالى : {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (النمل: 49).

وهذا دليل على أن الكذب عندهم ممنوع قبيح، ولذلك أقسم هؤلاء المفسدون أنهم صادقون لعلمهم بأن الكذب بين قومهم ممنوع، مع أن قومهم كانوا من الكفار، والكذب قبيح حتى عند بعض غير العقلاء.

الكاذب متوعد بالويل، حتى لو كان يقصد إضحاك الناس، وقد ورد في حديث عذاب البرزخ في الرجل يشرشر شدقه ويقطع بكلاليب من الأمام إلى الخلف، وعينه وأنفه وهكذا من اليمين والشمال ثم يعاد فتعاد العقوبة ويعود وجهه كما كان ثم تتكرر عليه هذه الشرشرة وهذا الشق إلى أن تقوم الساعة، من هو ؟ قا
ل ((الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق)).


وكم حدث بسبب الكذب من المصائب، وثارت من فتن وفضح من مستور ولذلك فإن الكذب من الفجور، ويهدي إلى النار، أهل العتو والنفور، ويكتب صاحبه في سجل الكذابين، حتى يكتب عند الله كذابا،

وأعظمه الكذب على الله، بأن يفتي بغير علمٍ مثلاً، فيحلل حراماً، أو يحرم حلالا {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} (الزمر: من الآية60).

وقد شاع الكذب في زماننا، في البيع والشراء، والعهود والمواعيد، والاتفاقيات والمعاملات، تساهل فيه الكبار، ونشأ عليه الصغار، وتعدد صوره وأشكاله، فهذا باللسان، وهذا بالقلم،
- وأصبح الناس يستحلونه ويسمون الكذبة بيضاء.
فكم تصور القضايا على غير ما هي عليه، ويصور البائع للمشتري الأمر والعقد والمعاملة والصفقة والمساهمة فيها ربح كثير والأمر بخلاف ذلك، كذب في إخفاء عيوب السلعة، وتصوير الحق باطلاً، والباطل حقاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وهذا من أعظم الكذب يأتي به المنافقون والكتاب وغيرهم من الذين يخوضون في الإثم وهم يعلمون، حتى يستحسن الناس القبيح، ويزين عندهم الأثم والشر، والكاتب لا يوفق للخير، قال الله : {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (غافر: من الآية28).

ومن الصور القبيحة له اليمين الكاذبة وشهادة الزور، وهؤلاء من الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، {وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آل عمران: من الآية77).

هل يباح في الكذب شيء ؟
- قال النووي رحمه الله : "اعلَمْ أنَّ الكَذِبَ، وإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحَرَّماً، فَيَجُوزُ في بَعْضِ الأحْوَالِ بِشُروطٍ .. وضابط ذَلِكَ: أنَّ الكلامَ وَسيلَةٌ إِلَى المَقَاصِدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِ الكَذِبِ يَحْرُمُ الكَذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ إِلا بالكَذِبِ، جازَ الكَذِبُ.
ثُمَّ إنْ كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المَقْصُودِ مُبَاحاً كَانَ الكَذِبُ مُبَاحاً، وإنْ كَانَ وَاجِباً، كَانَ الكَذِبُ وَاجِباً. فإذا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ يُريدُ قَتْلَهُ، أَوْ أَخذَ مَالِهِ وأخفى مالَه وَسُئِلَ إنْسَانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذِبُ.
وكذا لو كانَ عِندَهُ وديعَةٌ، وأراد ظالمٌ أخذها، وجبَ الكذبُ بإخفائها". رياض الصالحين (2/328).

وَاسْتَدَل العُلَمَاءُ بِجَوازِ الكَذِبِ في هَذَا الحَالِ بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً)). متفق عَلَيْهِ .

فهذا في الإصلاح، يكون بين اثنين وحشة أو خصومة، فيأتي مصلح إلى هذا فيقول : فلان يمدحك، ثم يذهب إلى الآخر فيقول : فلان يمدحك، مع أنه لم يمدحه، فهذا مثال على ذلك، وكذلك تسعى جارة بين امرأة وزوجها قد حصل بينهما وحشة، فتكذب في أشياء لكي تحسن الزوج عند زوجته، وهكذا يقوم زوجها الجار بالدور عند الزوج، فيحسن له زوجته ويقول نقلت لأم عيالي مدح عنك ونحو ذلك.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا- أنتِ أحب امرأة الي في الدنيا، ما رأيت مثل من طعامك - ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ)) الترمذي (1939) وصححه الألباني. وأصله عند مسلم (2605).

واستعملته أم سليم في إخبار زوجها أبي طلحة بوفاة ولده، وهو يحبه جداً ولم تكن تريده تفهمه الموت، فلما سألها عنه ؟ قالت – وكان مريضاً الولد - : هو أسكن مما كان . ففهم من قولها أحسن مما كان . وهو ميت -أي الولد-، فكلامها صحيح وهذه هي المعاريض.

اللهم إنا نسألك أن تجبر كسرنا، وترحم ضعفنا، وتغفر زلتنا، وتسدد ألسنتنا،
وتطهر قلوبنا، وتحفظ فروجنا،اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة،
وكلمة الحق في الغضب والرضى، والقصد في الغنى والفقر،
ونسألك نعيماً لا ينفذ، وقرة عين لا تنقطع، ولذة النظر إلى وجهك،
والشوق إلى لقاءك ، في غير ضراء مضرة، ولا فتنةٍ مضلة،
نسألك عيشاً رغيدا، ومستقراً سعيدا، نسألك عيش السعداء وموت الشهداء،
اللهم اغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون،
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين

لسانك هو أسرع أعضائك حركة وأشدّها خطرآعليك !!!‎