16 يناير 2014

غربة أهل الحق



 غربة أهل الحق






يقول المولى عز وجل : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } ، وقال تعالى : { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } ، وقال تعالى : { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون }.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا ، فطوبي للغرباء )).

قال ابن القيم رحمه الله : ( بل الإسلام الحق الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه هو اليوم اشد غربة منه في أول ظهوره ، وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة ).

فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء اشد غربة بين الناس ...

فما اشبه الليلة بالبارحة ، وما اشبه غرباء اليوم بالغرباء الأولين ... بل غرباء اليوم اشد غربة من الغرباء الأولين في صدر الإسلام ...

فالآلهة قد زادت ، والأعداء قد تجمعوا وتكاتفوا ، والباطل قد اتخذ صورا يضاهي بها الحق ويشاكله .

فالحق لا يُعرف بكثرة اتباعه مهما بلغوا ، وما كان العدد الكثير ولا الجمع الغفير في يوم من الايام - ولن يكون - دليل صحة وصواب ، كما يحلو للبعض أن يردد ويزايد على الغرباء في هذا الزمان أنهم قلة لا يؤبه لهم ، وان الناس لا تتبعهم وتنفر منهم ، وتُعرض عن دعوتهم !

فهذا منطق أهل الأرض الذين اخلدوا لمقاييسهم الأرضية التي استقوها من المبادئ البشرية ومن واقع الناس المريض ، وتحت ضغط الجاهلية المعاصرة بعيداً عن منهج الله .

فأغلب الناس يعرض عن أهل الحق وينفر منهم ، بل ويناصبهم العداء ويعلن عليهم الحرب ، وهذه سنة الله في الدعوات واصحابها ، سنة ربانية لا تتبدل { فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا } .

تعيرني أنا قليل عدادنا فقلت لها إن الكرام قليل

ومن اوصاف أهل الحق ، ما اخرجه الطبراني عن جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال فيهم : (( ... الذين يصلحون حين فساد الناس )) ، فإذا فسد الناس وانتشر الشر وفاحت الرذيلة يعتصم هؤلاء بدينهم ويتمسكوا بسنة نبيهم ويقاوموا تيار الشهوات والشبهات ، ذلك التيار العاتي الذي يجرف أمامه الكثير من الناس - إلا من رحم الله - ويتركوا الدنيا لاهلها ، فهم يعلمون أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، وإنها جيفة نتنة طلابها كلاب ، فلا ينافسوهم فيها ... أما هم فيتنافسون في ميدان آخر ، ميدان الآخرة { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } .

وقد وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصف بليغ يعبر اصدق تعبير وأجمله عن حقيقة ما هم فيه ، بأنهم (( القابضون على الجمر )) أخرجه أبو داود والترمذي


0 التعليقات :

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets