13 يناير 2014

إحياء لمنهج المنافقين









إحياء لمنهج المنافقين

للشيخ
جلال الدين أبو الفتوح
حفظه الله


الناشر
مؤسسة الفاروق للإنتاج الإعلامي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ وبعد ..
فإن أي انحراف نشاهده في واقعنا المعاصر لابد أن تكون له جذور تضرب بأطنابها في أعماق الماضي قريبًا أو سحيقًا وفكرة الرئيس التوافقي المثارة هذه الأيام إنحراف عن النهج المستقيم وجذور هذا الانحراف يرجع إلى ماضي المنافقين الذين قالوا {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} يقول الحافظ ابن كثير – رحمه الله – " قال تعالى في ذم المنافقين: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك، {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} أي: يعتذرون إليك ويحلفون: ما أردنا بذهابنا إلى غيرك، وتحاكمنا إلى عداك إلا الإحسان والتوفيق، أي: المداراة والمصانعة، لا اعتقادا منا صحة تلك الحكومة، كما أخبرنا تعالى عنهم في قوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52]. "
إن الرئيس التوافقي الذي يروج له أناس من جلدتنا ويتكلمون بألستنا هو من يحظى برضا المؤمن الموحد والشيوعي الملحد ويخضع للعسكر ويرعى مصالح أسياد العسكر !! وبتعبير أخر من يقرب المسافات بين المتناقضات بين الإسلامي والنصراني والعلماني واليساري !! وأهل الباطل يروجون لباطلهم بأحسن الألفاظ وأجمل العبارات {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} فالربا (فائدة) والخمر (مشروبات روحية) والعهر والفجور (ثقافة وأدب وفن) وترك الجهاد في سبيل الله (السلام الشامل العادل) والتراجع عن الحق (مراجعات ففهية وفكرية) والطرطور الدمية الخانع للعسكر والخادم لمصالح أسياد العسكر (رئيس توافقي) وهكذا تنقلب الحقائق وتتبدل المفاهيم فيصير المعروف منكرًا والمنكر معروفًا ، وكل المحاولات الرامية للتوفيق بين النور والظلمات والحق والباطل والإسلام والجاهلية ليست من دين الله – عز وجل – في شئ .
يقول سيد قطب – رحمه الله – " إن أولى الخطوات في طريقنا هي أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته ، وألا نعدِّل نحن في قيمنا وتصوراتنا قليلاً أو كثيرًا لنلتقي معه في منتصف الطريق . كلا ! إننا وإياه على مفرق الطريق ، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق !
وسنلقى في هذا عنتًا ومشقة ، وستفرض علينا تضحيات باهظة ، ولكننا لسنا مخيرين إذا نحن شئنا أن نسلك طريق الجيل الأول الذي أقر الله به منهجه الإلهي ، ونصره على منهج الجاهلية .
وإنه لمن الخير أن ندرك دائمًا طبيعة منهجنا ، وطبيعة موقفنا ، وطبيعة الطريق الذي لا بد أن نسلكه للخروج من الجاهلية كما خرج ذلك الجيل المميز الفريد " [معالم في الطريق]
إن الشيطان الرجيم قد زين لأناس بأنهم خبراء في السياسة وعباقرة في التنظيم والإدارة وعلم الله أن جل سياستهم قد أقتبسوها من ميكافيلي الذي وضع كتاب الأمير ودون في طرائق سياسته الشيطانية المبرأة من كل فضيلة والمشحونة بكل نقيصة ورذيلة وهي سياسة يأبها كل مسلم رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا ورسولًا لأن السياسة لابد أن تكون شرعية أي موافقة للشرع وإلا كانت شيطانية تقود من سلكها إلى الهاوية .
إن دولة الإسلام القوية الفتية لا تقوم على سياسات الغش والنفاق والإنحناء والإلتواء ولكنها تقوم على دماء الشهداء ومداد العلماء الصادقين الصادعين بالحق {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}.

كتبه جلال الدين أبو الفتوح

الناشر
مؤسسة الفاروق للإنتاج الإعلامي



 

0 التعليقات :

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets